الأهلي يكتب المجد- قصة بطولة آسيوية خالدة

المؤلف: علي مكي09.18.2025
الأهلي يكتب المجد- قصة بطولة آسيوية خالدة

في إحدى ليالي جدة الساحرة، لم تقتصر الإثارة على أرض الملعب، بل امتدت لتلهب المشاعر والأحاسيس، وأزهرت في قلوب المحبين حدائق بهجة وابتهاج، وذلك لأن النادي الأهلي السعودي لم يكتفِ بالفوز بكأس النخبة الآسيوية المرموقة، بل خطف من بين براثن الزمن لحظة تاريخية لا تُنسى، لحظة تُروى للأجيال كقصيدة شعرية مُلهمة في سفر المجد والعزة.

منذ عقود مديدة، والأهلي ليس وحده في دربه، بل تحرسه أشجار النخيل الباسقة وتُسانده أصوات الجماهير الوفية التي تنبع من أعماق قلوبهم، هذا الجمهور الذي لا يكتفي بالتصفيق والتشجيع من بعيد، بل يشارك بكل جوارحه، وكأن الدم الأخضر الذي يجري في عروقهم قد خُلق خصيصاً لكي يُنشد لهذا الكيان العظيم.

ليلة التتويج بالكأس الغالية لم تكن مجرد مباراة عادية، بل كانت استحضاراً لتاريخ حافل بالانتظار والشوق، تاريخ زاخر بالإيمان الراسخ والأمل الذي لا يلين كالصخر، تاريخ مليء بالإخفاقات التي تحولت إلى دروس قيّمة، وبالانتصارات الباهرة التي لم تطغَ يوماً على قيمة الروح الرياضية السمحة. لقد واجه الأهلي فريق كاواساكي الياباني العنيد، ليس من أجل مجرد الحصول على النتيجة، بل من أجل الرهان على هويته المميزة، وعلى صلابته المعروفة، وعلى تلك النغمة الموسيقية الفريدة التي لا يُحسن عزفها سواه.

لقد رفع اللاعبون كأس البطولة عالياً، ولكن الحقيقة الساطعة هي أن الكأس هي التي ارتفعت بهؤلاء الأبطال. في تلك اللحظة المهيبة، بدا وكأن كل اسم منقوش على القميص قد تحوّل إلى سطر مُضيء في ملحمة بطولية، وأن كل دمعة فرح انهمرت من عيون المشجعين في المدرجات قد أصبحت نجماً لامعاً يُنير سماء الأهلي.

هذا الانتصار ليس مجرد فوز عابر، بل هو بمثابة توقيع أخضر مُخلد على صفحات القارة الآسيوية. فبطولة النخبة – وهذا الاسم وحده يفي بالغرض – لا تُمنح إلا للفرق المتميزة حقاً. وقد أثبت الأهلي، مرة تلو الأخرى، أن الكبار قد يغيبون لبرهة من الزمن، ولكنهم لا يختفون أو يضيعون إلى الأبد.

في مدينة جدة، سَطّر الأهلي في تلك الليلة صفحة ذهبية جديدة في تاريخه العريق، ولكن بحبر لا يمحوه الزمان.. صفحة تبدأ بكلمة واحدة مدوية هي: المجد، وتنتهي بنداء حماسي: يا أهلي، لا تتوقف عن الغناء.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة